الأربعاء، 23 ديسمبر 2009



يوم مع نائبة وزير
"الفايز" تعيد مسؤولات التعليم إلى عهد الصبا وقصائد تمجد انتزاع النساء لأحد قلاع الرجال
ضيفات المنتدى في الغاط القديمة
الرياض: فاطمة باسماعيل
نحو 400 كيلو متر مربع.. هي مسافة الطريق من الرياض إلى محافظة الغاط ذهابا وإيابا، و28 ساعة هي مدة زيارة الوفد النسائي من قيادات وزارة التربية والتعليم بقيادة نائبة الوزير نورة الفايز وعدد محدود من الإعلاميات تم اختيارهن لحضور منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع، الذي يقام للسنة الثانية على التوالي بمركز الرحمانية الثقافي بمحافظة الغاط تحت إشراف مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، وباستضافة كريمة من مساعدة مدير عام المؤسسة لشؤون القسم النسائي لطيفة بنت عبدالرحمن السديري. توجهنا صباح الخميس الماضي إلى مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد في الرياض حيث تنتظرنا حافلة لتقل جميع المدعوات. ومنذ اللحظة الأولى التي ضمتنا فيها الحافلة؛ تحررت نائبة وزير التربية والتعليم لتعليم البنات من البروتوكول الرسمي، وطلبت من الجميع أن ينادوها بـ"أم بدر" أو "نورة" فقط. وبدأت هي بذلك حيث حرصت على مخاطبة موظفاتها وتدليلهن بمناداتهن "يا صبايا".وسرعان ما أشاع ذلك جوا من المرح والسرور بين الحاضرات، وأعاد بعضهن إلى زمن جميل، تحرص رئيستهن على إعادتهن إليه كل مرة تناديهن فيها حتى في المحافل الرسمية.في الحافلة.. اختلطت الأحاديث الجادة بالهازلة، وكان للإعلامية فاطمة العنزي دورها حيث أمسكت بالميكرفون بحرفية، لتضفي على المسافرات أجواء مبهجة وكأنها تبث أحد برامجها على إذاعة الرياض بعفوية وارتجالية، وجدت تأييد النائبة، عفواً أقصد أم بدر. وبدأت الزميلة العنزي بالترحيب بالحاضرات من قياديات وإعلاميات، وهنأتهن بعودة ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران المفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأمير الرياض المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وأنشدت أشعارا كتبتها بهذه المناسبة، نالت عليها تصفيقا حارا من الراكبات.فن الردودهنا افتتحت العنزي شهية الحاضرات للشعر، فما كان من مسؤولة التعليم الأجنبي بالوزارة الدكتورة هيا السمهري إلا أن بدأت بإلقاء قصيدة كتبتها بمناسبة حصول السيدات في وزارة التعليم على مبنى يليق بهن، انتزعنه من الرجال، وكيف أن هذا الأمر اعتبر نصرا للسيدات بقيادة قائدتهن الفايز، واستحضرت السمهري فنا قديماً ألا وهو فن الردود حيث قالت حينها:"يا نائب الوزير. تبدل المصير. من مكتب فقير . لبابه صرير. أثاثه حقير. وفراشه الحصير. وجاره الأثير. قطة تسير . وحمامة تطير . لمقعد وثير . ومشهد مثير . يفوح بالعبير . فراشه الحرير . كأنه السرير . وجاره الأثير . القائد البصير. وصانع التغيير . نائبنا القدير".فما كان من أحد وكلاء الوزارة إلا أن رد عليها بأبيات مماثلة قال فيها:"طالعكم منير. وحظكم أثير. سكنتم السدير. جاورتموا صاحبة القدر والتقدير . نائبة الوزير. من بعد ما جاورتم المواء والصرير. لا لوم أن أعلنتم البهجة والسرور. أوجدت القرائح الفرحى بمكنون الصدور. أنتن فخر القائد البصير. ورائد التجديد والتنوير. مليكنا المحبوب ذي القلب الكبير. تستاهلون الخز والحرير.والمكتب الوثير.وغاية العطاء والتقدير .تستفتحون يومكم بالورد والعبير.وماء له خرير. مبناكمو مجهز وبهوه كبير.تكييفه خطير.وماؤه كثير.وخيره وفير.ودائما منير.يزداد إشعاعا بربات الخدور.إخوانكن رغم البعد والتهجير. تفرقوا أيادي سبأ وحالهم كسير.يهنؤونكم ودمعهم غزير.لاحسدا لكنهم ما ألفو التغيير. فلتهنأن بذلك القرار والتقدير".وهو اعتراف من كبار المسؤولين باستحقاقهن لهذا التقدير. وكثيرة كانت الإشعار المؤيدة، إلا أن فكاهة إحدى القصائد رغم قصرها جعلت السمهري تقرؤها للحاضرات، وهي من أحد المسؤولين تحت قيادة الفايز نفسها أرسلها بعد اطمئنانه لرحابة صدرها، فضمن أبياته سخرية من انتصارهن، وأنهاه بمدح للنائبة. وقد تلقت المسؤولات أبياته بسعادة أكبر كونها كشفت مدى تحسر الرجال على بدايتهن القوية مع قائدتهن الفايز.يقول في أبياته "ما يغني الفقير.خبزه ولا عصير.والوقت مستدير. والعبرة في الأخير .ولا يحصل التقصير. في جانب السرير . هنا عمل كبير. ما هو نوم وشخير . عمر الصغير صغير . صغير في التفكير . ومهما حصل تغيير. حريمنا بهن خير . والفايز فيها خير . تعمل على التطوير. بالشرع تستنير.وعلى الهدى تسير.هموم التعليمووعدت السمهري بتضمين هذا الفن في ديوانها القادم. واستمر الحديث بين القيادات التعليمية في شؤون الحياة مثل تربية الأطفال وتقنية البلاك بيري التي خطفت عقول الشباب والفتيات، وكل مرة يعود الحديث لهموم التعليم، وهو ما رأت لطيفة السديري أن آثار أي تغيير إيجابي لن تظهر إلا بعد سنوات طويلة. وشدت على يد الفايز ومن معها بأن يصبروا ويستمروا ولا يلتفتوا لأحد في سبيل تحقيق الإصلاح في التعليم. وقد ضم الوفد النسائي التعليمي الذي قادته النائبة كوكبة من القيادات على رأسهن مديرة الإشراف التربوي بمدينة الرياض حصة الرميح ومستشارة النائبة والمشرف العام على مكتبها الدكتورة رقية العلولا والمستشارة بمكتبها الدكتورة بدرية العتيبي ومسؤولة التعليم الأجنبي وشاعرة الوزارة- كما يطلق عليها- هيا السمهري ومساعدة مدير تطوير المناهج الدكتورة هيا العواد ونائبتها لطيفة الدعيج ومديرة مكتب التربية والتعليم شمال بإدارة تعليم الرياض هدى العياف والسكرتيرة التنفيذية للنائب نورة العتيبي، ومن الإعلام المذيعة المتألقة هناء الركابي والإذاعية القديرة فاطمة العنزي.وكانت "الوطن" الصحيفة الوحيدة المدعوة بالإضافة للزميلة جواهر الدهيم من صحيفة "الجزيرة" وهي من العاملات في حقل التربية والتعليم. وكان في استقبالهن عند وصولهن مساعدة مدير مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية لطيفة بنت عبدالرحمن السديري وعدد من بنات وحفيدات المغفور له الأمير عبدالرحمن السديري في نزل مزرعة الفاخرة بالغاط.احتلال نسائيوفي الغاط.. أصبح الجميع أسرة واحدة حيث تبادلن الأحاديث في أجواء ربيعية بعد أن أصبحت المزرعة محتلة نسائيا مما أعطى الضيفات حرية في التنقل بين النخيل في خصوصية تامة. وبعد انتهاء ندوة التعليم وشجونه، انتقلت الحاضرات إلى بيت الشعر بالمزرعة لبدء سهرة ممتعة، امتزجت رائحة حطب السمر المشتعل خلالها مع رائحة شراب الزنجبيل والذرة المشوية وأبو فروة!. وشاركت الضيفات المضيفات بإنشاد الأهازيج القديمة وتبادل أبيات الشعر. وكان هذا قرب منتصف الليل والذي يصادف ختام العام الهجري حيث تمنت الحاضرات أن تكون السنة القادمة سنة خير على المملكة. وفي صباح اليوم التالي استيقظت الضيفات في وقت مبكر للاستمتاع بالمشي في أرجاء المزرعة، وتناولن إفطارا جماعيا، اتسم بالبساطة والحميمية قبل أن يجمعن حقائبهن لجولة في منطقة الغاط، حيث تولت لطيفة السديري مهمة التعريف بمعالم المحافظة. وزار الوفد مسجد العوشزة، وهو أقدم مسجد في نجد يعود إلى 130 عاما مضت. وأدت الضيفات صلاة التحية فيه، والتقطن بعض الصور ثم شاهدن بعض البيوت القديمة في الغاط القديمة والسوق الشعبي الذي ترممه هيئة السياحة، ليكون وجهة سياحية، وغادرنه إلى قصر الشيخ محمد الملحم، وهو جد السيدة لطيفة من جهة والدتها.. ثم انتقلت الحاضرات إلى مصنع الفاخرية للتمور، وتعرفن على خط إنتاج التمور وغيره من المنتجات التي وصلت للدول الأوروبية وأمريكا، وأخيرا كان "المطل" هو آخر عهدهن بمحافظة الغاط، وهو واد تزاحمت فيه أشجار النخيل.إطلالات سياحيةوتمنت الضيفات استغلال منظر الوادي كوجهة سياحية كونها تنافس أجمل الإطلالات السياحية في العالم. وانتهت الرحلة بالعودة في الحافلة نفسها برفقة النائبة، وعادت الأحاديث الحميمية بين الحاضرات. وكانت النائبة حريصة على الجلوس مع الجميع، وتبادل الحديث معهن ببساطتها المعهودة رغم إرهاقها وعدم استطاعتها النوم لاختلاف المكان والتوقيت، ولكن كانت تتحدث ببشاشة، وتجيب على أسئلة الكل، وتلبي رغباتهن، وتطيب خاطر من لم تستطع مساعدتهن خصوصا المعلمات الحاضرات للندوة ممن يرغبن في النقل. وكانت ترد عليهن بأن معاناتهن تدمي قلبها ولكن ما بيدها حيلة، فقضية النقل شائكة وحتى عندما أبلغتها إحداهن بأن شقيقتها تحمل الدكتوراه، ولم تجد وظيفة بالتعليم ردت عليها بأن قريبة لها تحمل منذ 16عاما شهادة الماجستير وهي أيضا لم تجد وظيفة!.

ليست هناك تعليقات: