الأربعاء، 15 أبريل 2009



آل الشيخ: الدعاة والإعلام تسببا في تشويه دور المسنين
جميع النزيلات يفتقدن العائل وانقطعت بهن سبل الرعاية

الرياض: فاطمة باسماعيل
شنت إدارة دار المسنات بالرياض هجوماً لاذعاً على الدعاة ووسائل الإعلام بسبب ما وصفنه بتشويه الدار ووصفهم لها بأنها مكان يرمى فيه الأبناء العاقون. وقالت الأخصائية النفسية الدكتورة عائشة الشمراني إن بعض ما تضمنته أشرطة الدعاة من قصص لجذب الناس تسببت في تشويه صورة دور المسنين رغم أن القوانين واضحة بعدم قبول أي شخص لديه عائل.وأكدت مديرة دار رعاية المسنات بمدينة الرياض هيفاء بنت عبدالعزيز آل الشيخ أن صورة دور رعاية المسنين والمسنات تتعرض لتشويه من قبل الإعلام من خلال تصوير الدار وكأنها مكان يلقي فيها الأبناء آباءهم مؤكدة أن جميع نزيلات الدار الـ54 لم يتم إحضارهن من قبل ذويهن وهن فعلا حالات انقطعت علاقاتهن الأسرية."الوطن" زارت دار المسنات بالرياض حيث تعيش النزيلات في أجواء من العزلة والاغتراب اللذين فرضتهما عليهن ظروفهن الصحية، وينتظرن بلا جدوى أن يفتح تجاههن المجتمع نافذة للتواصل لإشعارهن بأن المسنات لا يزلن يعشن في دواخل أهلهن وأسرهن.ووقفت "الوطن " على العديد من الحالات التي تتنوع مشاكلها، ونقلت صوراً ومشاهد عن معاناة النزيلات وبعض آمالهن ورغباتهن وأحلامهن أيضاً.نورة.. لم يزرها أحد منذ 14 عاماًهيا (67) عاماً وهي أقدم نزيلة في دار المسنات في الرياض ودخلته قبل 21 عاماً وتعاني صعوبات في النطق والخرف وليس لديها عائل، وكذلك شوعاء التي تعاني من تخلف عقلي ولديها قصة أخرى أيضا فقد جاء بها طليقها للدار بعدما وجدها هائمة في الصحراء ولم يزرها من حينها.أما نورة التي تبلغ 88 عاما فهي لا تجد من يزورها منذ أن دخلت الدار قبل 14 عاما، ولكن أغرب حالة كما قالت الأخصائية نوف الغيث التي رافقت "الوطن" في جولة في الدار هي لخمسينية مصابة بفصام شديد وتم القبض عليها 41 مرة بتهمة التسول, وأخيرا أودعت الدار وحين الكشف عليها وجد أنها تعاني من فقر دم شديد وظلت أسبوعاً في المستشفى تتلقى العلاج والمغذيات ورفضت نوف أن تتم إعادتها لأقاربها الذين أوصلوها لهذه الحالة والآن تعيش في الدار معززة مكرمة.حالة أخرى تعاني من تخلف ذهني ولديها ولدان أحدهما في التأهيل والآخر توفي في غيبوبة سكر وهي أرملة، ويعيش شقيقها حالة مادية صعبة ويعول ثمانية أطفال براتب 1800 ريال وتم إحالتها للدار لتجد من يرعاها.الكفيفة صديقة الجميعفهيمة وهي كفيفة لكنها صديقة الكل في الدار تتحدث بطلاقة وتلقي النكات ولكن كما قالت الأخصائية نوف عندما يتعكر مزاجها لا يمكن لأحد محادثتها وأسرت نوف لـ"الوطن" بأن فهيمة تنبأت بوضعها لمولود أنثى حينما كانت حامل ولا يعرف أحد كيف عرفت بذلك دون اكتشاف الأطباء!وأبدت الأختان سارة وحصة اللتان تعيشان في غرفة مخصصة لهما مزودة بجهاز تلفاز، رغبتهما بالعودة لمنزلهما، غير أن الأخصائية نوف قالت إنهما أعيدتا إلى بيتهما ولكن وجدتا الحالة سيئة للغاية وأجبرتا على البقاء بالدار بسبب عدم وجود عائل لهما ولا من يرعاهما ورفضتا الذهاب لأقاربهما.الخدمات المقدمة للنزيلاتوواصلت "الوطن" تجولها برفقة الأخصائية نوف الغيث في أدوار الدار الثلاثة حيث يحتوى الطابق الأول على مكاتب الأخصائيات وصالة لجلوس النزيلات والمطبخ الذي تعمل فيه 7 عاملات ولديهن جداول حسب مواصفات الطبيبة.تقول المسؤولة عن تغذية النزيلات ليلى أحمد عكور إن لديها ثلاثة قوائم إحداها للمسنات وتحتوي على الأكلات الشعبية كالجريش والقرصان والثانية للمريضات النفسيات ويخصص لهن طعام بدون ملح أو دهن وأخيرا الأطعمة السائلة وهي للكبيرات في السن ممن لا يستطعن المضغ. بعد ذلك دخلنا غرف الغسيل حيث النظافة اليومية لملابس النزيلات حيث لكل نزيلة خزانة خاصة باسمها برقم تحوي احتياجاتها وذلك من أجل الحفاظ على مستوى النظافة والصحة حيث لا تعاني أي نزيلة من أي تقرحات نتيجة البقاء طويلا في السرير.في الطابق الثاني، ترصد كاميرات المراقبة كل شاردة وواردة في الدور حيث تستعد منيرة ناصر المسبحي وثمانية مراقبات أخريات لمراقبة الدور عبر المتابعة المستمرة للنزيلات في غرفهن ومستوى النظافة ومراقبة العاملات وتعاملهن مع النزيلات وتعلق كاميرات بين غرف النزيلات والممرات والعيادة وهي موزعة أيضاً على كل طابق.تقول الأخصائية نوف إن هناك سجلات لحفظ هذه الأشرطة وكل ما يحدث ويتابعنها الأخصائيات فيما بعد وتسجل الملاحظات في السجل خلال ثلاث فترات ويتم التعامل مع أي ملاحظة. كما يحتوي هذا الطابق على غرفة العلاج الطبيعي ويحتوي على أجهزة رياضية وغرفة العيادة وهي متكاملة، كما يجري فحص شامل في مستشفى صحارى لفحص الدرن والكبد الوبائي لجميع النزيلات.ويحتوي الطابق الثالث على غرفة العناية المركزة وهي لنزيلات فوق سن الثمانين يتناولن غذاءهن عبر أنبوب التغذية وهناك بعض الغرف الأخرى لنزيلات مريضات نفسياً، وتقول الأخصائية نوف إن هناك تبادلاً للزيارات بين النزيلات، وتربطهن علاقات عميقة.الدعاة والإعلام السببحملت الدكتورة عائشة الشمراني وهي أخصائية نفسية تعمل في الدور الاجتماعية منذ 25 عاما وسائل الإعلام وبعض الدعاة مسؤولية النظرة السيئة لدور المسنين واعتبارها دوراً يرمي فيها الأبناء العاقون آباءهم، إضافة إلى بعض ما تضمنته أشرطة الدعاة من قصص لجذب الناس وتشويه صورة دور المسنين رغم أن قوانين وزارة الشؤون الاجتماعية واضحة بعدم قبول أي شخص لديه عائل، مشيرة إلى أن كل الحالات الموجودة هي منقطعة ليس لها أحد أو أنه لا يمكن لذويها رعايتها بسبب مرض لديهم أو لأسباب قهرية ولم يحدث وأن أحضر ابن أمه ورماها في دار المسنات كما تصوره بعض المسلسلات التلفزيونية.من جهتها، أكدت مديرة دار رعاية المسنات بمدينة الرياض هيفاء بنت عبدالعزيز آل الشيخ لـ "لوطن" أن صورة دور رعاية المسنين والمسنات تتعرض لتشويه من قبل الإعلام من خلال تصوير هذه الدار وكأنها مكان يلقي فيها الأبناء آباءهم وأمهاتهم مؤكدة أن جميع نزيلات الدار الـ54 لم يتم إحضارهن من قبل ذويهن وهن فعلا حالات انقطعت علاقاتهن الأسرية نظرا لوفاة الأقارب أو حالات لا يمكن أن يعتني بها أحد نظرا لظروف قهرية واللوائح تمنع وجود نزيلة يمكن لأقاربها الاعتناء بها. وقالت إن المجتمع السعودي ملتزم بالتعاليم الإسلامية ولا يزال يحترم ويقدر كبار السن ولا توجد هذه الصورة النمطية التي تروج لها بعض المسلسلات الدرامية. وأضافت أن المسنات بالدار توفر لهن كل الاحتياجات حتى الرحلات لمكة والشرقية والخروج للمخيمات وهناك برامج موسمية وأسبوعية للنزيلات. وعن استقبال الحالات أوضحت آل الشيخ أن الوزارة تحول لهم بعض الحالات وتأتي بلاغات بوجود حالة لا يوجد من يقدم لها المساعدة فتعد دراسة بحالتها ثم تحضر للدار، وقالت إن النزيلات في حاجة للتواصل مع المجتمع لأنهن يشعرن بسعادة غامرة حين يرين الأطفال ولا يجب عزل الكبير في السن أو إشعاره بأنه لا حاجة إليه.

ليست هناك تعليقات: